الجمعة، 16 يونيو 2017

فوائد من شرح أثر ابن مسعود رضي الله عنه. للشيخ الفاضل غازي بن عوض العرماني حفظه الله تعالى

فوائد من شرح اثر الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه

ونصه  : -
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه   قال  :
"كيف أنتم إذا لبستكم فتنة: يهرم فيها الكبير، ويربوا فيها الصغير، ويتخذها الناس سُنَّة، فإذا غيرت قالوا: غيرت السنة، قالوا: ومتى ذلك يا أبا عبدالرحمن؟ قال: إذا كثرت قُرَّاؤكم، وقلت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم، وقلت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة.
 وفي رواية: "قالوا: ومتى ذلك؟ قال: إذا ذهبت علماؤكم، وكثرت جهلاؤكم، وكثرت قراؤكم، وقلت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين".
الشرح لهذا الاثر :
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال :كيف بكم إذا لبستكم فتنة
( الفتنة هنا البدع والأهواء المنكرة والضلال والانحراف عن الشرع قل أو كثر  اخرج من الملة أو لم يخرج  )
و البستكم
(اي غشيتكم فكانت جزءا منكم وانتم جزءا منها و بهاتقولون ولها تعملون  وعنها تذودون وتدافعون )
يربو فيها الصغير
( فمن ولادته فأبواه يعلمانه هذه البدع فمامن مولود يولد الا على الفطرة كما في الحديث الصحيح  فينشأ الصغير على هذه البدعة فلايعرف ضدها من السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عن السلف رحمه الله كما في البخاري : ان من سعادة الحدث والاعجمي ان يوفق لعالم أو شيخ سنة ا . ه . بنحوه أو مثله ) 
و يهرم فيها الكبير
( اي كان شابا يافعا وهو على هذه الضلالة ثم يكبر ويهرم على هذه الاهواء )
وتتخذ سنة
( اي ان هذه الأمور المنكرة أصبحت دينا يدين الناس به والويل ثم الويل لمن حاول تغيير هذا الفساد العقدي )
فإن غيرت يوما قيل هذا منكر
( فهذا يقابل به من حاول الانكار ضلال أهل الأهواء والبدع فيقول له أصحابها هذا منكر اي إنكار علينا وايضاحك لادلة الكتاب والسنة وماعليه سلف الامة منكر  )
قيل : ومتى ذلك ؟
( اي متى تظهر هذه البدع والمنكرات )
قال إذا قلت أمناؤكم
( الامانة صفة حميدة وخلق عظيم من الأخلاق التي أمر بها وحث عليها الشرع الحنيف وتتمثل في حفظ الحقوق وادائها وعدم الخيانة وضد الامانة الغدر والخيانة اعاذنا الله واياكم من هاتين الصفتين وغيرها من الأخلاق السيئة وهي من صفات الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام فما من نبي بعث في قومه إلا قال لهم ( اني رسول لكم رسول امين )ومن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين وفي الصحيح كما جاء في حوار أبي سفيان وهرقل ، حيث قال هرقل : سَأَلْتُكَ : هَلْ يَغْدِرُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدر
والأمانة وجودها في الرجل دليل إيمانه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ قَالَ:لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ.
أخرجه أحمد وصححه الألباني  رقم  ٧١٧٩  من صحيح الجامع .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ ، فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا : حِفْظُ أَمَانَةٍ ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ. أخرجه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة " ٢ / ٢٧٠ "وفي الصحيحين عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه  قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ ، قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا ، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ ، حَدَّثَنَا:أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ ، فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ ، قَالَ : يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِن قَلْبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ ، فَنَفِطَ ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا ، وَلَيْسَ فَيهِ شَيْءٌ  فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ ، لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ ، حَتَّى يُقَالَ : إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا ، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ : مَا أَجْلَدَهُ ، مَا أَظْرَفَهُ ، مَا أَعْقَلَهُ ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ.وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ ، وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ ، وَلَئِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا ، أَوْ يَهُودِيًّا ، لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لأُبَايِعَ مِنْكُمْ ، إِلاَّ فُلاَنًا ، وَفُلاَنًا )

وكثرت أمراؤكم
( ولعله اراد اختلاف الفرق والجماعات واتخاذها أمراء لهم يطيعونهم في التحليل والتحريم وفي معصية الله والتفرق والاختلاف سبب ضعف ظاهر وقد يكون سببه محبة الدنيا وايثارها وطلب العلو في الدنيا وذلك في الحرص على الامارة والمشيخة على الناس ولو كان بغير وجه حق إلا طلب الرفعة والعلو )
  وقلت فقهاؤكم
( وقلة الفقهاء تتمثل بقبض العلماء الراسخين الذين جمعوا بين العلم والعمل والحكمة والصبر في بيان دين الله سبحانه وتعالى والدعوة إليه  كما في الصحيحين عن عبدالله بن عمرورضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله عز وجل لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جُهَّالاً فسُئِلوا فأفتوا بغير علم فَضَلوا وأضَلُّوا"

وكثرت قراؤكم
( القارئ بهذا المعنى من يجيد القراءة مع قلة فقه في علم الكتاب والسنة وجهل بهدي سلف الأمة فتجده حافظا للقرآن مجودا له  وهو اخواني او تبليغي  محاربا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم )
وتفقه لغير الدين
( اي لم يرد في طلبه العلم الشرعي وجه الله والدار الاخرة وفي هذا انتفاء الشرط الثاني من صحة العبادة وهو عدم الإخلاص لله ومعه لابد ان يكون عمله صوابا وفق السنة ومتابعا لماجاء فيها )
والتمست الدنيا بعمل الآخرة
(وهذا مثل الذي قبله لكن هنا اعم  ففي الاول طلب العلم لغير الله وهنا  جعل أعماله وعاداته وعباداته وسائر أعماله  لغير الله سبحانه)اعاذنا الله واياكم من الأهواء والبدع ورزقنا العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة
آمين
انتهى التعليق
( والأثر )  رواه عبد الرزاق في كتابه موقوفا والحاكم والدارمي وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب حديث رقم ١١١
كتبه :
غازي بن عوض العرماني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق