الأربعاء، 15 فبراير 2017

كلمة الشيخ سمير ابن سعيد القاهري حفظه الله تعالى دفاعا على أخيه الشيخ عبدالله رسلان وفقه الله

كلمة حق وعرفان في أخينا الفاضل عبد الله رسلان

الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، وآله وصحبه المستكملين الشرفا ،

وبعد :

كلمة حق أقولها لله ، وأسأل الله أن يجعلها لوجهه خالصة ، وأن يتقبلها مني ، ولا يجعل فيها شائبة شرك لأحد من العالمين .
عرفت الأخ عبد الله رسلان منذ زمن بعيد ، وكنت من أشد الناس طعنا فيه وفي أخيه وأبيه ، إلى أن من الله - تبارك وتعالى - علي بالتوبة من هذا الإفك ، والتحلل من قرين الشرك ! ، ولما اقتربت منه وخالطته ، وجدت فيه كثير من الخصال الحسنة التي ما كنت أتوقع أن تصدر منه ، من الكرم ، والجود ، والفضل ، وبذل النصيحة مع الستر ما أمكن ، وقد سمعته يقول أمامي أكثر من مرة  : تكلمت بكثير من الكلام الذي لو استقبلت من أمري ما استدبرت لسكت عنه ! ، وهو بذلك - حفظه الله - يقرر أنه بشر كالبشر ، يعلم ويجهل ، ويؤخذ من قوله ويترك ، شأنه في ذلك شأن كثير من طلاب العلم الشرعي ، ومن المواقف التي لا أنساها له ، والمواقف كثيرة ، موقف قديم ، وموقف جديد ، وكلا الموقفين يدلان على حبه لماشيخ السنة ، وتقديره لهم ، وتعظيمه لشأنهم ، ومعرفة قدرهم ، وعدم قصد الوقيعة في أحد منهم .
الموقف الأول : قديما اتصل به متصل - حدادي - وكان الأخ عبد الله بجواري وكنا في المسجد الشرقي بسبك الأحد ومعنا ثلة من طلبة العلم ، فاتصل عليه متصل خبيث - وما اكثرهم ! - وأثناء اتصاله به بدأ في استفزازه ليأخذ منه كلمة أثناء غضبه ليطير بها ، فقام المجرم المغرض برمي الشيخ رسلان بالسرقة العلمية ! - كنت أسمع هذا من خلال مكبر الصوت الذي في الهاتف - ومن ثم رمي عبد الله بنفس الفرية ؛ فرد عليه الأخ عبد الله قائلا بعد حوار طويل يرجو منه رجوعه لجادة الصواب : إذن ؛ عليك أن ترمي أكثر علماء السلف بالسرقة العلمية ، لأنهم كانوا ينقلون من كتب غيرهم من أهل العلم دون عزو ، والنقولات كثيرة في هذا الصدد ، وما كانوا يتقصدون ذلك ولهم في ذلك عذر ، ودونك الشيخ ابن عثيمن - رحمه الله - ؛ فهل تجروء أو يجروء غيرك على رميه بذلك - وكان ذلك من باب ضرب المثال لا من باب الطعن كما توهم البعض ! - وكان الأخ عبد الله يقصد بعض كتب الشيخ - رحمه الله - كالقواعد المثلى ؛ فكله نقولات عن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه البار - رحمة الله عليهما - ؛ فأخذ ذلك الحدادي النمام ؛ هذا الكلام وانتزعه من سياقه ، وركب له كلاما مغايرا بطريقته - كما هي عادتهم - ليظهر من خلال هذه الصوتية أن عبد الله يرمي الشيخ ابن عثيمين بالسرقة العلمية ! ، وليس الأمر كذلك ، ولم يعتقد عبد الله هذا الكلام لا يقظة ولا مناما ! ؛ فطار هذا الكلام حتى وصل إلى بعض الأخوة الأفاضل ، وكان على هذا الفاضل أن يقول لعبد الله : ما حملك على ما فعلت ؟ ليبرز هذا الأدب الضائع في دنيا طلاب العلم ! إلا من رحم ربي وعصم وقليل ما هم ! ، وأن يبذل معه النصيحة ما أمكن حتى يأخذ بيد أخيه إن عثر أو زل ! ؛ فأخرج فيه عبارة ليست بسديدة ، وإنما تقال هذه العبارة فيمن ينشر صوره في مواقع التواصل ؛ فيسأل غيره عنه : ماذا عن السلفي الذي ينشر صوره في مواقع التواصل ، مع وفرة العلماء الذين حذروا من هذا الأمر ؛ فيكون الرد : هذا [ ليس بجيد ] من يفعله أو يتخذه دينا فقد وقع في مخالفة صريحة ! ، ومع كون ذلك كذلك ؛ فلم يتكلم أحد من السلفيين في هذا الأمر اللهم إلا الآن وهو من باب ضرب المثال ؛ فلابد من استصحاب سلفية الرجل الداعي إلى الله قبل التكلم فيه ؛ وتنفير الناس عنه ، وذلك قبل أن يحذر منه ، أو يتكلم فيه بما ليس فيه ؛ فالحكم على الشيء فرع عن تصوره ؛ فلماذا نعطل إحسان الظن بإخواننا مع أن وسائل الاتصال مبذولة منشورة ، ونصائح العلماء في السلفي الذي وقع في خطأ شهيرة ومستورة ، ودونك الربيع ونصائحه الغالية للمخالف قبل الموالف والتي منها ما كان قرابة العشرة أعوام ؟!
الموقف الثاني : في الدورة العلمية الأخيرة لشيخنا العلامة المحاهد محمد سعيد رسلان - حفظه الله - ؛ عاتبني أخي عبد الله في مكتبته ، وقال لي : سمعت أن فلان سيأتي من ليبيا عليك ؟ ؛ فقلت له : هذا ليس بصحيح ؛ فقد اتصل بي بعض الأخوة وطلبوا مني ذلك ؛ فأبيت حتى أسأل مشايخي يا شيخ عبد الله ؛ فقال لي : هل نغضب الشيخ عبيد وطلابه بسبب هذا الرجل ونستقدمه ! ، لا والله ، الشيخ عبيد عندنا مقدم عليه وعلى غيره من أهل الفتن ؛ فقلت له : صدقت يا شيخ والله ، وأنا ما كنت لأفعل هذا الأمر أبدا ؛ فأنت تعلم أنني لا أتقدم مشايخي ، ولا يخفاك أن الشيخ عبيد إمام عندنا معاشر طلاب العلم ، وقوله على العين والرأس ، وأن الشيخ لا يتكلم بهوى .
فأهيب بكل صاحب سنة ، ممن يحترم كلام أهل العلم الكبار ، من أمثال شيخنا العلامة الوالد حسن بن عبد الوهاب البنا ، والشيخ العلامة المجاهد محمد سعيد رسلان ، والشيخ المفسر عادل السيد ، والشيخ الوقور طلعت زهران ، وغيرهم من مشايخ السنة في مصر أن لا يتقدم عليهم بجرح غير مفسر من غيرهم ؛ فهم بلدي عبد الله وأدرى به من غيره ، ولاسيما إن كان هذا الغير من صغار طلاب العلم ، وأن يعملوا بنصائح الشيخ العلامة الإمام ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله - في التأدب مع السلفيين ، واحترامهم ، وعدم التعالي والشموخ عليهم ، وبذل النصيحة إليهم ، وأن يعرف كل واحد من طلبة العلم قدره ومكانته ، وأوله ونهايته ، وأن يكل ما هو أكبر منه لمن هم أكبر منه وأعلم ، وأن يحرص على إخوانه من الزلل والانحراف كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريصا على أصحابه - رضي الله عنهم - ، ولاسيما من لهم جهود طيبة في خدمة هذه الدعوة السلفية المباركة من سنين ، محتسبين الأجر من الله - تبارك وتعالى - ، وأخيرا أختم كلامي بكلام الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - حيث قال محذرا من التدابر والتقاطع والتشاحن بين أصحاب المنهج الواحد :
فالخطأ لا يوجب التنفير منه - أي من المخطىء ما دام على المنهج السلفي - ، ولكن ينبه على الخطأ الذي وقع منه ؛ فكل إنسان له أخطاء ، ولكن الاعتبار بما غلب عليه ! ، وبما عُرف عنه من العقيدة الطيبة ؛ فالواجب على الدعاة إلى الله أن يتبصروا ، وأن يرفقوا ، وأن لا يعجلوا من أمورهم ! ، وأن يتحروا الحق ، وأن يحذروا التنفير من أهل العلم ، وأن يحذروا أسباب الشحناء والعداوة ، بل عليهم أن يحرصوا على كل أسباب الاجتماع بين أهل العلم وبين أهل السنة والجماعة في دعوتهم إلى الله ، وترغيبهم للناس في الخير ، حتى يكثروا الدعاة إلى الله وحتى ينتشروا ، وحتى يرغب الناس في الدعوة والأخذ عنهم ؛ فإذا سمعوا هذا ينفر من هذا ، وهذا ينفر من هذا ، ضاعت الدعوة ! ، وساءت الظنون ! .
انتهى كلام الشيخ - يرحمه الله - ، نقلا من مجموعه المبارك ، المجلد السابع والعشرون ، صحيفة ( ٢١ ) ، مقال بعنوان : لا سبيل إلى معرفة العبادة إلا بالدعوة إلى الله تعالى .

وكتب راجي عفو ربه العلي :

سمير بن سعيد القاهري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق