بِــسْــمِ اللَّــهِ الــرَّحْــمَــنِ الــرَّحِــيم
الــدَّرس الــثّــاني
من شرح كتاب : الأصول الثلاثة
لشيخ الإسلام: محمد بن عبدالوهاب رحمه اللّـه
للشيخ: محمود حسين آل عوض حفظه الله تعالے
في مجموعۃ: تعليم السنة حرسها الله تعالى
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو يتولى الصالحين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه و آله وسلم أما بعد:
فقد قال الأول :
إذا العلم لم تعمل به كان حجةً•••• عليك ولم تُعذر بما أنت حاملُ
فإن كنت قد أبصرت هذا فإنما•••• يُصدِّق قولَ المَرءِ ما هو فاعلُ
ولهذا كان العمل بالعلم من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو ما بدأ به الإمام الكبير المجدد، إمام الدعوة المفترى عليه، والمتهجَّم زورا وكذبا عليه، الإمامُ محمد بن عبد الوهاب
قال: الأولى العلم: وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دينه العظيم بالأدلة.
*الثانية: العمل به* ، والعمل بالعلم أصلٌ أصيل في دين الله جل وعلا، ولذلك صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: « مَن تعلَّم العلم ليُباهيَ به العلماءَ ويُجاريَ به السفهاءَ ويَصرفَ به وجوهَ الناس إليه أدخله الله جهنم ».
ومن حديث عبد الرحمن بن صخر أيضا، يقول صلى الله عليه و آله وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِد فيُؤتى به فيُعرَّف بنِعمَةِ الله جل وعلا عليه فيقَالُ له : مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ يقول: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، يقول : كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ وقَدْ قِيلَ ثُمَّ يأمرُ بِهِ فَيُسحبُ عَلى وجهه فيُلقى فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ» أنظر إلى هذا الوصف النبوي (تعلم العلم)، والذي شهد له بذلك هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يكن هذا الرجل مُدَّعٍ للعلم بل تعلمه وعلمه.
«وقرأ القرآن، فيُؤتى به فيقال له: ما عملتَ فيما علمتَ، فيقول: تعلمتُ العلم وعلمتُـه وقرأتُ القرآن فيك، فيُقال: كذبتَ، ولكنك تعلمتَ العلم ليُقال عالمٌ»، تعلمت ليقال عالم!! فلِأي شيء نتعلم إذن؟ للعمل؛ من كان طلبُه للعلم من أجل أن يَنجوَ بين يدي الله فهو حَرِيٌّ بأن يُوفقَ لذلك، وأما من طلب العلم لغير ذلك فإما أن لا يُحصِّلَه، كما قال بعض العلماء: تعلمنا العلم لغير الله فأبَى العلمُ إلا أن يكون لله، ومنهم من قال: بل يَتعلمُ، وربما يتجاوز التَّعلمَ إلى التَّعليمِ لكنه يكون حابطاً و فاسداً؛ لأنه لغير وجه الله الكريم، وآخرُ مُنفقٌ في سبيل الله يُجَـرُّ على وجهه إلى جهنم وبئس القرار؛ قد جاء عن أنس رضوان الله عليه خادمِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قال رسول الله أَتَـيتُ ليلة أسريَ بي على قوم تُـقرضُ شِفاههم بمَقاريض من نار، كلما قُرضت وَفَت» يعني أتت من جديد لتقرض «فقلتُ: يا جبريل من هؤلاء قال: خطباءُ أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون ويقرؤون كتاب الله ولا يعملون به» هذا موجع جدا لكل متكلم في أمة محمد، إنْ كان ممن له قلب أو ألقَى السمع وهو شهيد؛ مَن هؤلاء ياجبريلُ يقول جبريل الأمين مجيباً على سؤال محمد الأمين صلى الله عليه وآله وسلم هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون ويقرؤون كتاب الله ولا يعملون به .
قال أبو عبدالله الرُّوذْباري : (من خَرَج إلى العلم يريد العلمَ لم ينفعه العلم، ومن خرج إلى العلم يريد العمل بالعلم نفعه قليل العلم)، كثيرٌ من الناس يَعجبُ أنَّا كثيرا ما نتوقف عند هذا لنُبينَه ولنوضِّحَه، وربما كان أساسا تدور عليه الكلمات دائما وأبدا إلى الممات، والعجبُ هذا ينبغي أن يُعجبَ منه؛ لأنه مَن عَلِم أنه إذا عَلِم لكي يَعلم فإن العلم لا ينفعه كله، وأما من علِم ليعمل فقليل مِن العلم ينفعه، كذا قال أسلافكم!!
قال مالكٌ هو ابنُ دينار: (إن العبد إذا طَلب العلم للعمل كَسَره علمه، وإذا طلبه لغير ذلك ازداد به فجورا أو فخرا)؛ أرأيتم هذا الذي يَطلب العلم فينسلخ عن القيام والصيام، وعن ألوان الصدقات، إذا ما رُوجع في ذلك قال: إن الصدقات منها ما هو نفل، ومنها ما هو فرض، وأما الفرض فينبغي أن يكون لنصاب بلغ حولا، وإذا كان من الزروع يكون كذا وكذا، وإذا كان للشِّياه إذا بلغت نصابها تكون كذا وكذا، وإذا كان في المال في الدينار والدرهم في الذهب والفضة يكون كذا وكذا، ويجوز أن يُدفع....... إلى آخِرِ ما تعلم، ولكنه لمّا تعلم لم يتعلم ليعمل فتعلمَ الفرقَ بين النفل والفرض، فلما كان تعلُّمُه لغير العمل ما ازداد بتعلم الفروق بين الفرض والنفل إلا تركا للنفل، ووَشيكاً أنْ يَترك الفرض؛ لأن النفل حِصن للفرض كما قال علماؤنا، بل كما جاء في الوحي الشريف، وأما هذا الذي ربما أخذ نصيبا من العلم ولكنه أخذه ولو كان قليلا للعمل، فإنه أُمِر بالصدقة أمراً، وحُضَّ عليها حَضا، فالأمر للوجوب، والحض للاستحباب، فإنه يَحملُ الحض مَحمل أَمرِ الإله، وأمرِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَحمل الذي ينبغي عليه أن يَحمله المؤمن؛ نزلت آية الصدقة كنا نُـكارِي لما نزلت الآية، صاروا يتجهون بأوقاتهم لله جل وعلا ليتحصلون على المال، لينفقوا في سبيل الله؛ هذا هو العلم الذي إنما حصَّله مَن حصَّله للعمل، ولذلك كان الحَسن يقول: (هِـمّة العلماء الرِّعايةُ، وهمة السفهاء الرواية)، وإنك تجد الرجل ربما من العلم لم يحصل منه شيئا، ومن العمل والآداب لم يحصل شيئاً، ومن الأخلاق و السلوك لم يحصل شيئاً، ومن الحياة التي هي ينبغي أن تكون مصروفةً لله في كل أفعالها؛ في صمتها و كلامها، في حركتها وسكونها، ثم هو يبحث عن الغاية، ويبحث عن خُلُوِّ الدِّكَّة له، بل وربما بَلَغ به ذلك مَبلغاً فاحشا حتى أَسقَط من عَلَّمه لكي يَجلس مكانه، أو تَـكلّم في مَن أدَّبه لكي يَتكلّم مكانه، أما العلماء فهِمَّتُهم في الرعايةِ؛ رعايةُِ الشريعة، ولذلك تجد الطالب البَليد في علم الحديث يبحث لتضعيف الحديث، ليتكلَّم ويقولَ ضعفتُ ما صَحّح فلان، وأظهرتُ عِـلّة حديثِ كذا ممّا لم يَصل إليه فلان، وأما همَّة العالم في رعاية سُنّةِ نبينا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم؛ يقول الله جل وعلا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ }، [لمَ] سؤال يحتاج إلى جواب أُجبَ عليه، لم قولُـك مُبايِن لفعلك [كَبُرَ] عَظُم [مَقْتًا] بُغضا شديداً [عِندَ اللَّهِ أنْ تَـقُولُوا مَالَا تَفْعَلُونَ]؛ لأنّ أولَ مايُسأل عنه العبدُ العملُ_ وليس العلم_ وإنما العمل، عن أبي بَـرْزَةَ الأسلمي قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن علمه ماذا عمِل فيه وعن ماله من أين اكتسب وفيما أنفق وعن جسمِه فيما أبلاه»
لأن العامل بالعلم هو المؤمن، ولأن من لم يعمل بعلمه فهو المنافق، في حديث أسامةَ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «يُؤتى بالرجل يوم القيامة، فيُلقى في النار فتندَلِـقُ أقتابُـهُ، أو قال: أقتابُ بطنه، فيَدورُ حولها كما يدور الحمار بالرَّحى، أو قال: برَحَاه، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان ما لَكَ؟ ألم تكن تأمر بمعروف وتنهى عن منكر ؟! فيقول: بلى، قد كنت آمرُ بالمعروف ولا آتِـيهِ، وأنهى عن المنكر وآتيه»، لذلك قال بعض علمائنا عليهم الرحمة: (علم المنافق في قوله، وعلم المؤمن في عمله)، توقف عند هذه الآثار، وعند هذه الأحاديث، وعند هذه الآيات، فإنها عظيمة في بداية الطلب، وفي أوسطه، وفي نهايته إلى المماة، تعلَّم هذا وأتقنه، واعلم أنه لن ينتفع العبد بالعلم حتى يعمل به، قال سهلُ بنُ سعد الساعدي صاحبُ النبي: (العلم كلُّه دنيا والآخرة منه العمل به)، هذا مهم جداً؛ العلم كله دنيا، حصِّل مِن القواعد ماتُحصِّل، واجمع من الأصول ماتَجمع، وابحث عن الأثار والروايات ما تَبحث، واستَظهِر من ذلك ماتَستَظهِر، كل ذلك للدنيا؛ يُقال عنك ضابط يقال عنك عالم، يقال عنك حافظ، يقال يقال..... الآخِرةُ من ذلك أن تعمل به.
الظاهر يَصلُح، والباطن خراب، والباطن لايصلح إذا ما أَصلحَ الظاهر، الظاهرُ يَصلح ويكون باطنٌ على خراب ووَبال، ولكنه إذا صَلح الباطن ينصلح الظاهر، ولذلك قال علماؤنا بقاعدة تلازم الظاهر والباطن، وسيأتي هذا في باب بيان الإيمان، وهو مهم جداً لبيان بطلان الإرجاء في هذا العصر، وفي كل عصر.
يقول مالكُ بنُ دينار: (تَلْقى الرجلَ وما يَلحَن حرفا، وعمَله لَحن كله)، تلقى الرجل ما يلحن حرفا والبيان لونٌ من ألوان النفاق، وما هو إلا شُعبة من شعاب النفاق، إن لم يُؤيَّد وإن لم يُضبط وإن لم يَـتْـبعه العمل.
قال إبراهيم بن أَدهَم: (أَعرَبنا في الكلام فما لَحِنّا ولَحِنّا في الأعمال فما نُعرِب)، ولذلك جاء عن نصرِ بنِ علي رضوان الله عليه يقول: (سمعت أبي يقول: وكان من أصحاب الخليل بنِ أحمدَ -يعني أباه- قال: رأيتُ الخليل في المنام، فقلت له: مافعل الله بك، قال: غفر لي، قلت: فبما نجوت، قال: بلا حولٍ ولا قوةٍ مني، أرأيتَ ما كنا فيه فإنه لم يكن شيء أفضلَ من سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، قلت: كيف وجدتَ علمكَ -أعني العَروض والأدب والشعر- قال: وجدتُـه هَباءً منثورا)، يعني بذاته، يعني بمحضه، وأما إذا وُجِّه ذلك لنفع الإسلام ولابد، ولنفع اللسان ولابد، فإنه يكون أمراً عظيما، يقول: وجدت أعظم وأفضل ما وجدتُ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولذلك قال لقمان لابنه: (يابنيَّ لا تتعلم العلم لتباهيَ به العلماء، وتماري به السفهاء، وتماري به في المجالس، ولا تترك العلم زَهادة فيه، ورَغبة في الجهالة؛ إذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم، فإنْ تكُ عالماً يَنفعْكَ علمُكَ، وإن تكُ جاهلاً يزيدوك علما، ولعل الله أن يَطّلع إليهم برحمة فيُصيبَك منها نصيب، وإذا رأيتَ قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإن تكُ عالماً لا ينفعْك علمك، وإن تكُ جاهلاً يزيدوك جهلا، أو قال غَيَّا، ولعل الله أن يَطّلع إليهم بسُخْطَة منه فيُصيبَك بها معهم، ولذلك قال أبو الدرداء رضوان الله عليه قال رسول الله " كَيْفَ أَنْتَ يَا عُوَيْمِرُ إِذَا قِيلَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَعَلِمْتَ أَمْ جَهِلْتَ إنْ قُلْتَ: عَلِمْتُ، قِيلَ لَكَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ وَإِنْ قُلْتَ: جَهِلْتُ، يقال لَكَ: فَمَا كَانَ عُذْرُكَ فِيمَا جَهِلْتَ أَلاّ تَعَلَّمْتَ "قال الله جل وعلا : « وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ (85)».
أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا للعمل الذي هو أساس الأمر وأصلُه، وأن يرزقنا مايَنتُج عنه من ثمرة هي التقوى .
ثم قال: *(والدعوة إليه)*، والدعوة إلى الله جل وعلا في هذا الزمان من أوجب مايكون؛ لأنه لابد أن يَنـفُر طائفةٌ من الناس إلى الدعوة إلى الله، فقد عَـمَّ الجهل وأنتشر، وصار بين الناس إلى أن وصل إلى حدٍّ عظيم، أمَا رأيتم هؤلاء النَّوكَى من الذين يتهجمون على البشير النذير !! فأين الذين تصدوا لبيان الحق، ولرفع الجهل، ولدفع الشبه، ولمحو الشبهات، والشهوات، بالعلم الصحيح، فإن الدعوة إلى الله ينبغي أن تكون على بصيرة، {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا} صلى الله عليه وآله وسلم {ومن اتبعني}، وتقديران:
الأول: أدعو على بصيرة أنا ومن اتبعني أيضا.
الثاني: هذه سبيلي أدعو أنا ومن اتبعني على بصيرة
هذا عباد الله الدعوة على طريقة السلف تحتاج إلى علم وضبط، وتحتاج إلى توقف وتوقِّي، وتحتاج إلى ورع وتقوى؛ لكي لا تتقدم بين يدي العلماء، ولكي لا تتجاوز مقامك، ولكي لا تجاوز حدك، ولكي لا تتعدى على من هو أفضل منك، فعلينا عباد الله أن نضبط العلم ضبطا يؤهلنا إلى العمل به، ضبطا يؤهلنا إلى الدعوة به وإليه إلى الله على بصيرة؛ على بصيرة بالعلم، وعلى بصيرة بهذا الأمر الذي هو الدعوة، وعلى بصيرة بحال المَدعُو، يامعاذ يقول صلى الله عليه وآله وسلم : «يا معاذ إنك تَـقْدُم قوما أهلَ كتاب» فعرَّفه حال المدعوين، لِـمَ ؟ لأنه يُتَبايَنُ، فإنك إذا ما جئت بين المسلمين فكلمتهم كما تُـكلمُ جماعةُ التبليغ جُموعَ المسلمين ؟!! تكلمُهم عن الربوبية !! عن أي شيئ يتكلمون؟!! يتكلمون مع ملاحدة!!! يتكلمون مع دهريين!!!، إنهم يتكلمون في صفوف المسلمين، وقد أسقَطوا هذا الذي بدأ به نبينا تعليمَه الداعيَ إلى الله، يا معاذ إنك تَـقْدُم قوما من أهل الكتاب فعرَّفه حال المدعوين، فإذا عرفتَ حالهم فقد لزمَك مِن بيان الحق الذي جهلوه، ومن بيان الحق الذي أهملوه، ومن بيان الحق الذي خالفوه، قد لزمك من ذلك ما لا يلزمك، أما إذا ما خبِطتَ خَبْط عشواء كهذه الجماعات، التي تخبِط خبط عشواء، الأمةُ غارقةٌ في الشركيات، وفي البدع والضلالات، وهم يتحمسون، ويقولون لهم: هَلُـمُّوا إلى حكامكم فأسقطوهم !!، وهؤلاء يقولون: هلموا إلى موالدَ وإلى دوائر،َ يُطاف حول الموائد بالدوائر ليَسقط البدَن دون القَصعة، يُسمَّى ذلك ذكرا لله !!، وهيهات، فإن الذاكر لله مذكورٌ من الله وليس هذا بحالِ مَن يَذْكره الله، وجماعةٌ تكلم الموحدين من المسلمين والمؤمنين في توحيد الربوبية، وأخرى تكلمُهم في الحاكمية، وثالثة في الكَشف والوَجْد والذوق، ويُهملون تعليم الخلق دينَ الربِّ جل وعلا، وهذا من الخطأ والخطل، بل وهذا من الخطيئة لا من الخطأ، فعلينا إذا ما أردنا أن ندعو إلى الله أن ننظر هذا الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذٍ رضوان الله عليه، مبينا «يا معاذ إنك تقدُم قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أجابوك لذلك ....»، أنظر إلى هذا !!، تجد هذا الضال المُسمَّى بمحمد حسان يقول، و سلمان وسَفَـر وطائفة من هؤلاء يقولون: ما كل هذه الأوقات المُضَيعة في تعليم الناس التوحيد، هكذا يقولون قطع الله ألسنتهم، هل جاء النبي إلا لبيان التوحيد !!!، وهل دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أول ما دعا إلى أن مات صلى الله عليه وسلم إلا للتوحيد، وهل قامت السماوات، وهل نُصِبت الموازين، وهل أَنزَل اللهُ الكتبَ مع الرسل الملائكةِ على الرسل من البشر أقوامهم لينذروهم اليومَ الآخِر إلا من أجل أن يُقيموا التوحيد، وهل أَمِنَ هؤلاء من الإشراك بالله ؟!!، أنظروا إليهم وهم في حفلاتهم، فهذا يجلس مع فاحش يسمونه صاحب خفة يد، وهذا يحمل على فرسه تَـميمة، وذلك يجلس مع شيعي رافضي، كل ذلك يقولون لا نحتاج إلى تعليم التوحيد ؟!! أنتم أول مَن يحتاج إلى تعلم التوحيد؛ لأنكم ضيعتموه وأهملتموه.
وينبغي أن يراعى: تدعوهم أن يؤمنوا بأن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسوله، فإن أجابوك الصلاة، فإن أجابوك الزكاة والصوم، فإن أجابوك فالحج، ثم قال: «وإياك وكَرائِمَ أموالهم» إياك يا معاذ الهدية تُهدى للوالي، وإياك يا معاذ أن يُنالَ دينُك فيُثْلَم بما لا يُؤخذ من حرام منهم، فلذلك قال علماؤنا عليهم الرحمة كما قال لنا شيخنا مرارا -حفظه الله-: (إياك والأموال وإياك والنساء)، إذا أردت أن تقيم لله دعوة يكون بين يدي الله جل وعلا بها ناديا، إياك والنساء، وإياك والأموال.
نسأل الله جل وعلا أن يتم علينا نعمته، وأن يكمل لنا فَهْم ملّتِه، صلى الله على مَن أَتَى بها، ورضي الله على من نقلها، ورحم الله علماءنا أجمعين، ووَفَّقَ وسدّدَ الأحياء منهم، حتى لا نطيل وقد قصدتُ أن يكون الأمر على مسجلاتٍ قِصار، ليسهل للسامع أن يُدركَ عنَّا ما نقول، وليضبطَ ذلك ضبطا، وليكتبَ، وليفرغَ، وينشرَ، عسى أن ننتفع بين يدي الله جل وعلا بما نقول، وأن لا يجعله علينا حُجَجا، وصلِّ اللهم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه.
والسلام عليكم ورحمة الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق